حقوق المرأة هي حقوق الإنسان



من ينكر حالة المراة المأساوية التي في مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص هو أعمى البصيرة والبصر، عندما نتصفح المواقع الإخبارية لأي بلد عربي لن يخلو شهر من خبر –جريمة شرف،إعتداء،إغتصاب،تحرش- كما أن أُسس المصائب في المجتمع هي المرأة تبلياً لا تحقيقاً، المرأة تُعاني عندنا من المهد إلى اللحد وكما قالوا بالأمثال “ هم البنات للممات “ والعديد من الآفات التي تهاجم المرأة بشكل مباشر وغير مباشر, لهذا كله وغيره الكثير ترزح المرأة تحت سلطة عين ذكورية خالصة ترقبها منذ اليوم الأول الذي تخرج فيه للدنيا وتكمم أعينها بغشاوة، تأمرها … توجهها ما تريد بأوامر آلية بحتة وفق رؤية جوهرها التواطئ الإجتماعي. في القديم وفي مجمع نيقيا التاريخي خصوصاً جمع قسطنطين الأول كبار علماء المسيحية للبت في قضايا مهمة كان من بينها إجابة على سؤال – هل للمرأة روح إنسانية؟- وكانت الإجابة التي خرجوا بها أن لها روح هي أدنى من روح الإنسان … ومعاناة المرأة تستمر إلى عصرنا الحديث وبقوة في مجتمعاتنا العربية الذي أقر لها حقها في الحياة وتوقف عن وأدها عند الولادة ليقتلها بدافع الشرف فيما بعد.
سأنتقل بسرعة للإدلاء بما أراه في المسألة، ما بين نظرة تخفيضية للمرأة لجعلها شيئاً كالأشياء في حياة الرجل موجودة في هذا الوجود لخدمته وهي بدونه كالعدم، ونظرة تقدمية إن صح التعبير تحمل رايتها الجمعيات النسوية التي تتكلم عن المراة دون ان تعي ما تريد المرأة حقاً في مجتمعنا وما ينقصها فعلاً، نُغفل المرض ونعالج العرض وهذا لن يُفضي إلى نتائج سليمة. كذلك عندما يتناول أي قضية إنسان مدخول النوايا والأهواء ولديه نتائجه المسبقة التي يضعها في نهاية ما يدعي كونها أفكاره هنا نقع في الدوغما العبثية التي لن توصلنا إلى ما نريد بأية حال من الاحوال، وكما أن الأعمى لا يستطيع قيادة المبصرين فإن كلاً ممن يخفض المرأة او يرفع من قدرها يجني على المرأة جنايةً كبيرة بإن يعاملها كشيء لا كبشر ولن يجني لها سوى المصائب التي ستزيد الأمر تعقيداً .
بشكل أبسط، نحتاج للموضوعية بقدر الإمكان عند النظر في قضية المرأة ومسائلها وكما أجابتني صديقة مرة “حقوق المرأة التي يجب أن تطالب بها هي ليست إلا حقوق الإنسان” في هذه البساطة تكمن حلول مشاكل المرأة بتعقيدها في مجتمعاتنا التي تعقّد المسائل أكثر فاكثر. لن أتطرق للحلول هنا وإنما سأشير إلى أنه يجب أن تعي المرأة وجودها وكينونتها في أمّة فاقدة لهويتها ولكيانها ولعقلها أيضاً، ويجب على المرأة عندما تتوصل لكيانها أن تبدأ بالتعاطي مع المسائل المختلفة وفق المبادئ والقيم الصحيحة الذاتية وليست التي يفرضها المجتمع، وفي مرحلة من المراحل ستجد نفسها “خارجة-outsider-“ مثلي هنا. ولكنها ستصيغ هي قوانينها وما تقبله وما لا تقبله ولن يكون لفلان عليها سلطة. من حيثية كوني خارجاً أدرك أن المرأة لن تحصل على ما تريد جاهزاً على طبق مزخرف من ذهب وإنما يجب عليها أن تناضل وتقف في وجه المجتمع وعاداته وتقاليده –البالية منها-، ولكن عندما تفعل ذلك يجب ان تكون لديها رؤية واضحة ومتعقلة لفهم المجتمع ومشارب المعرفة فيه وأصول كل المعتقدات والقيم التي يجب أن تقف بوجهها، وبالتأكيد هذا لن يحول دون وقوع الشهداء الذين هم جزء مهم من أي قضية عادلة وعلى جثثهم يُبنى التغيير، خصوصاً عندما ندرك أن إنصاف المرأة من المجتمع والدين والتقاليد و المعارف المسبقة والمتراكمة تاريخياً واثروبولوجياً وبيولوجياً هي عملية لا تتم لمرة واحدة في حياة المجتمعات وإنما تأتي بعد نثر بذور ثقافة جديدة تناطح المجتمع وتنتصر، وأخيراً أشير أن حياة المرأة العربية لن تتغير بين ليلة وضُحاها وما تفعله المرأة في هذا العصر هو النضال من أجل الجيل القادم الذي إن لم يكن له نصيب من التغيير فإنه سيعيشه بناءً على تضحيات جيل اليوم .

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

وكانت جواري عمر في دار الخلافة عاريات !

من هي المرأة الديوثة

الرجلة عند الانوش المدعوش الجزائري