Accéder au contenu principal

أنت متزوجة إذن أنت موجودة

"تتزوج المرأة لسترة" لطالما ترددت هذه العبارة على مسامعي، وأنا طفلة ترى العالم بعيون من حولها ولا تفقه في معاني هذه العبارة ولا دلالاتها، كبرت الطفلة وكبر معها السؤال عن أي سترة يتحدثون؟ وهل الزوج هو اللحاف الذي يغطي المرأة؟ وهل حياة المرأة بدون زواج تعني أنها مستباحة للآخرين؟
لم أجد من يحتوي أسئلتي ويروي شغفي لمعرفة فلسفة هذه العبارة التي ترسخ في وعينا الاجتماعي، وتصبح مع الزمن من المسلّمات التي تدفع الفتيات للبحث عن شريك يسترهن ويغطيهن؛ كي يحظين بالقبول الاجتماعي داخل بيئتهن ويحققن "الكوجيتو المغربي أنت متزوجة إذاً أنت موجودة".
"أنت متزوجة إذاً أنت موجودة"، "تتزوج المرأة لتستر"، "الرجل هو غطاء رأس المرأة" إنها خطابات يعاد إنتاجها وتحدد علاقة الأنثى بمحيطها كما تبخس كل إنجاز تقوم به؛ لأن الإنجاز الأكبر مختزل في رجل يحدد وجودها ويسطر جدول حياتها... إن ثقافة اختزال وجود المرأة وتقبلها اجتماعياً في الرجل يجعل من بعض الفتيات يتغاضين عن مسارهن التعليمي ويصبح همهن الرئيسي البحث عن زوج في سن مبكرة قبل أن يفوت الأوان ويدرج اسمهن في لائحة "العوانس".
كنت أظن أن في الجامعة ستتلاشى الخطابات التي تبخس من المرأة بيد أنني سرعان ما اكتشفت أن الخلل يكمن في الأنثى في حد ذاتها؛ لأن الجامعة التي كنت أنتظر أن تكون مكاناً للانسلاخ من الصور النمطية السائدة عن علاقة المرأة بذاتها كانت شبيهة بما عهدت في لقاءات نساء الحي اللائي لم تطأ أقدامهن أبواب المدارس.
لم ينتصر التعليم الجامعي بدوره على هذه الأفكار الموروثة، ولم تسطِع بعض الفتيات مقاومة المتمثلات الراسخة في وعيهن، بل حتى طالبات شعبة علم الاجتماع، كن يتعاملن مع المواد على أنها وسيلة للحصول على نقاط وتتويج المسار التعليمي بشهادة، وكانت المحظوظة من بين الطالبات من تحصل على زوج وشهادة.
خجل أغلب الطالبات وعدم قدرتهن على التعبير عن آرائهن كان يثير حفيظة دكتورة علم الاجتماع حكيمة لعلا، أتذكر أنها لم تتقبل طريقة رد الطالبة على سؤالها، رفضت الدكتورة انحناء الطالبة واحمرار وجنتيها وحديثها بصوت منخفض، وطالبتها بالنظر إليها والحديث بثقة؛ لأنها في الجامعة لأجل التعليم وليست في مكان للبحث عن زوج، استغلت الدكتورة حكيمة تلك حادثة لتلقي محاضرتها حول عجز أغلب الطالبات عن الاستمرار بعد الجامعة ورضوخهن للخيار السهل وابتعادهن عن مواجهة تحديات الحياة والعمل إلى جانب الرجال؛ لأن الحرية تؤخذ ولا تعطى.
عندما تعجز الطالبات الجامعيات عن هزم خطاب "الرجل سترة"، فماذا سننتظر ممن لم تسمح لهن الظروف من الولوج إلى مقاعد الدراسة، إذا كانت طالبة في شعبة علم الاجتماع تخشى رفع صوتها والدفاع عن حقها؛ لأن ذلك يهدد أنوثتها ويؤدي إلى تراجع أسهمها في بورصة الزواج، لا سيما أن شرط الرجل لكي يسترها أن تكون خاضعة ممتثلة لأوامرها في قاموسها لا مكان لتمرد أو سؤال، فزوجها غطاء رأسها يخيط الثوب الذي سيغطيها على مقاسه.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

وكانت جواري عمر في دار الخلافة عاريات !

من هي المرأة الديوثة

الرجلة عند الانوش المدعوش الجزائري